اتفق مجتمع الأعمال الأردني والجزائري، على تأسيس رؤية جديدة لعلاقات البلدين الاقتصادية، تفتح من خلالها آفاقاً رحبة للتعاون التجاري والاستثماري المشترك.
وشدد خلال منتدى مشترك للاستثمار نظمته، في عمان، جمعية رجال الأعمال الأردنيين، بالتعاون مع الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، على ضرورة وضع آليات عمل تسهم بتذليل الصعوبات التي تواجه تجارتهم الثنائية، بالإضافة لتكثيف اللقاءات وتبادل زيارات الوفود للاطلاع على الفرص الاقتصادية المتاحة.
وتمتلك غالبية منتجات الصناعة الأردنية فرصة كبيرة للمنافسة وتعزيز تواجدها بشكل واسع داخل السوق الجزائرية، والانطلاق منها لأسواق الدول الإفريقية، لكن ذلك يتطلب تذليل العقبات وتفعيل الاتفاقية الثنائية الموقعة بين البلدين، لا سيما اتفاقية التعاون التجاري الموقعة عام 1997.
ورغم عمق العلاقات التي تجمع البلدين الشقيقين على مختلف الصعد، إلا أن مبادلاتهما التجارية أقل من الطموحات، حيث بلغت صادرات المملكة عام 2020 للجزائر 94 مليون دولار مقابل نحو 125 مليون دولار مستوردات.
وقال أمين سر جمعية رجال الأعمال الأردنيين العين عبدالرحيم البقاعي إن الأردن يمتلك مقومات تمكنه بأن يكون مركزاً إقليمياً للأعمال وبوابة لدخول أسواق المنطقة، مدعوما بمزايا تنافسية وفرصا تجارية واستثمارية واعدة، إلى جانب اتفاقيات مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية، داعيا الجانب الجزائري للاستفادة منها.
وأضاف أن العديد من القطاعات الصناعية الأردنية تمتلك المتطلبات اللازمة لدخول السوق الجزائرية، لا سيما المكونات الصيدلانية والألبسة والصناعات الكيميائية والأسمدة إلى جانب صناعات البلاستيك والمطاط والمعدنية، وكلها تمثل فرصاً تصديرية غير مستغلة.
وأكد ضرورة العمل على تذليل الصعوبات التي تحد من الاستفادة من الفرص المتاحة لدى كلا الجانبين وذلك من خلال التوجه نحو تفعيل اتفاقية التجارة الثنائية الموقعة بين البلدين عام 1997 بشكل أكبر وزيادة دور اللجنة الفنية التجارية المشتركة.
ودعا إلى التوجه نحو وضع خارطة طريق لتنويع قاعدة السلع المتبادلة بين الجانبين وتقليل المعوقات الجمركية وغير الجمركية لتسهيل انسيابية السلع، خاصة وأن حجم التبادل التجاري وكذلك الاستثماري لا يزال أقل من مستوى الطموحات.
وشدد العين البقاعي على ضرورة مواصلة تنظيم لقاءات مشتركة بين مجتمعي الأعمال وتوفير قاعدة معلومات ثنائية معتمدة تتضمن جميع المعلومات التي تهم المستثمرين من الجانبين الأردني والجزائري من تشريعات وأنظمة والفرص المتاحة للاستثمار وكذلك للاستيراد والتصدير.
من جانبه، دعا أمين عام وزارة الاستثمار زاهر القطارنة القطاع الخاص الجزائري والأردني، لتبادل وجهات النظر وتبادل الأفكار، بما يكفل تعزيز العلاقات الاقتصادية التجارية بين البلدين الشقيقين، وتكثيف الزيارات المتبادلة للوفود الاقتصادية والتجارية للاطلاع على ما تزخر به الخارطة الاستثمارية والتجارية، والعمل على إقامة المشاريع والشراكات المختلفة.
وأكد القطارنة حرص وزارة الاستثمار على توفير جميع التسهيلات اللازمة للاستثمارات الجزائرية في الأردن، وبذل كل ما يمكن لتثبيت وتعزيز حضورها على خارطة الاستثمار بالمملكة التي تعتبر مركزاً إقليمياً للتجارة والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقال "بالرغم من العديد من الصدمات والتحديات الخارجية التي يواجهها الأردن، والعبء الذي فرضته على موارده المتاحة إلا أن الاقتصاد استمر في تحقيقه للعديد من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية وتحقيقه لنسب نمو مرضية في ظل هذه الظروف، كما يقدم نفسه كواحد من أكثر بيئات الأعمال والاستثمار جاذبية وتمكيناً في المنطقة".
وأوضح القطارنة أن الحكومة تدرك، بأن المحافظة على جودة بيئة الاستثمار في الأردن تتطلب إصلاحات وتحسينات مستمرة وإزالة العوائق الحالية أو المحتملة، مؤكدا أن رؤية التحديث الاقتصادي تعتبر بمثابة خارطة طريق للسنوات العشر القادمة ونقطة تحول هامة، حيث ستضمن إطلاق إمكانات الاقتصاد الأردني لتحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام.
وقال "لقد تبنت الحكومة عددا من الأولويات في المجالات التنظيمية والمؤسسية بهدف تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والارتقاء في بيئة الأعمال والاستثمار في المملكة حيث عملت على توحيد مرجعيات الاستثمار، من خلال إنشاء وزارة الاستثمار كجهة مسؤولة عن إدارة ورعاية شؤون الاستثمار في المملكة، وتنظم رحلة المستثمر من خلال بوابة واحدة وتكون معنية بالقضايا المرتبطة بالاستثمار، بالإضافة إلى العمل على جذب الاستثمارات الخارجية وتحفيز الاستثمارات المحلية وتنظيم مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص".
وأضاف أنه يجري حاليا الإعداد لإنجاز قانون جديد ينظم بيئة الأعمال والاستثمار في الأردن، ويتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال ومن المتوقع إقراره قريبا بعد الانتهاء من مناقشته في مجلس الأمة".
ولفت إلى أن فرص التجارة والاستثمار في الأردن غنية ومتاحة، حيث يركز الأردن على العديد من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والرعاية الصحية، والمنتجات الصيدلانية، والخدمات اللوجستية، والسياحة والسياحة العلاجية.
وقال القطارنة إن الأردن يطمح لأن يكون مركزاً لوجستياً إقليمياً نظراً لموقعه الاستراتيجي كبوابة عبور بين أوروبا الشرقية وتركيا مع دول الخليج العربي، مبينا أن المملكة توفر فرصاً لجذب استثمارات خارجية في قطاع البنية التحتية مثل الطاقة، والنقل والقطاعات الرئيسية الأخرى ذات الصلة بالتنمية المستدامة.
بدوره، ثمن ممثل رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل ورئيس الفدرالية الوطنية للصحة محمد تفارت عقد المنتدى الأردني الجزائري في دورته الأولى الذي جاء ليعكس عمق العلاقات القوية والتاريخية بين القيادتين والشعبين اللذين تحدوهما رغبة في توطيد الشراكة الاقتصادية لتكون في مستوى تلك العلاقة المتميزة بين البلدين.
واكد ضرورة إقامة شراكات قوية بين البلدين وبناء تكتلات اقتصادية لدعم وزيادة الأنشطة الاستثمارية ومناخ الأعمال المشتركة بين الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل ونظيرتها جمعية رجال الأعمال الأردنيين.
ولفت إلى أن بلاده أعطت للجانب الاستثماري أهمية كبرى، ولاسيما بعد صدور قانون الاستثمار الأخير، مشيرا إلى الإجراءات التحفيزية والتسهيلات التي يمنحها هذا القانون للانتعاش الاقتصادي وجلب المستثمرين وفق شراكة مثمرة وفعالة.
وأكد تفارت "أهمية المشاركة في فعاليات المنتدى الناجح بكل المقاييس الذي وفر له المنظمون كل أسباب التوفيق لمصلحة الشعبين في المجال الاقتصادي المتطور الذي نهدف إليه جميعا عبر سلسلة المشروعات المشتركة والاستثمارات الواعدة التي تسعى إلى تحقيقها عبر اتفاقيات بناءة ومريحة للطرفين".
من جهته، عبر السفير الأردني لدى الجزائر شاكر العموش عن أمله بأن يكون المنتدى بداية لتأسيس شراكات متينة بين البلدين، تحقق نوعا من التكاملية الاقتصادية وزيادة مبادلاتهما التجارية وتعزيز فرص الاستثمار، مؤكدا أن الأردن يزخر بالفرص الاستثمارية الواعدة ومقومات داعمة لها.
وأشار إلى أن المنتدى يشكل دافعا قويا بمجال السياحة العلاجية وتبادل الزيارات والاستثمارات السياحية، داعيا الجانب الجزائري للاطلاع على التجربة الأردنية بمجال السياحة العلاجية وفتح الآفاق أمام تبادل الخبرات والتدريب بمجال السياحة والفندقة.
ولفت إلى أن التجارة البينية بين البلدين متواضعة مقارنة بإمكانياتهما وما يجمعهما من علاقات ودية وأخوية على مختلف الصعد، داعيا إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص من الطرفين لمزيد من الانفتاح وتعزيز التبادل الاقتصادي.
واكد العموش أن السفارة الأردنية لدى الجزائر ستبذل قصارى جهدها لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتقديم كل التسهيلات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، مشددا على ضرورة تكثيف زيارات الوفود الاقتصادية.
من جانبها، أكدت القائمة بالأعمال بالنيابة بالسفارة الجزائرية لدى المملكة أسماء لبيض، أن المنتدى يعد إحدى سبل تعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي المشترك والاستثمارات وإزالة المعيقات في ظل وجود رغبة قوية من قيادتي البلدين لتعزيز العلاقات الاقتصادية، بما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة.
وأشارت إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 72 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي 2022، مقابل 32 مليون دولار للفترة نفسها من العام الماضي، مؤكدا أن هذا يعكس رؤى الجانبين في تطوير مبادلاتهما التجارية.
وتعد المواد الصيدلانية والمنتجات الطبية والمنتجات الكيماوية المتنوعة، أبرز صادرات الأردن للجزائر، فيما أبرز المستوردات تتركز بالمنتجات الكيماوية غير العضوية والمحضرات الغذائية المتنوعة والوقود المعدني.
وشددت لبيض على ضرورة تعزيز التعاون الصناعي كونه يمتلك ميزات تنافسية عالية بالعديد من القطاعات الإنتاجية، حيث تعد السوق الجزائرية إحدى أهم الأسواق العالمية وبوابة للقارة الإفريقية، إضافة لوفرة الموارد والإمكانيات البشرية، فيما تعد المملكة بوابة إقليمية وعالمية للتبادل الاقتصادي مع مختلف دول العالم بفعل الاتفاقيات التجارية التي تربطها مع تكتلات اقتصادية دولية.
وحسب المدير العام لجمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي، جرى خلال المنتدى بحث أهم الفرص الاستثمارية المتاحة بالمملكة بمختلف القطاعات وتعريف الجانب الجزائري بمزايا الاستثمار بالأردن، إضافة إلى عقد لقاءات ثنائية لقطاعات الصناعات الغذائية والتجارة العامة والصحة وصناعات الأدوية والسياحة والنقل لإقامة شراكات مشتركة.
وتم على هامش المنتدى توقيع مذكرة تفاهم بين جمعية رجال الأعمال الأردنيين والكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، لغايات تدعيم علاقات التعاون بين مجتمعي الأعمال وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين. (بترا)
24-آب-2022 09:02 ص